علينا أن نعرف كيف استطاع النبي صلى الله عليه وسلم في فترة وجيزة لا تساوى في عمر الزمان شيئا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليست قصة تتلى ولا مدائح تنسج
في يوم ميلاده كما يفعل كثير من الناس...وإما سيرته منهج حياة متكامل نعرف من خلالها كيف نعيش الأسوة والقدوة الحقيقة وكيف نعيش الحياة الطيبة التي لا تكون إلا في ظل الإيمان بالله (جلا وعلا) واقتفاء أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نلتزم سنته وان ندعو بدعوته صلى الله أن يصنع رجالا أطهارا وأن يقيم بهم دولة للإسلام في وسط هذا الركام الهائل من الجاهلية الجهلاء.
إن الإسلام وحده هو القادر (بإذن الله) علي أن يضيء صفحة الكون المظلم وأن يبدد ظلام الجاهلية.
ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب".
ولما كان جعفر بن أبى طالب مهاجرا إلى الحبشة ودار هذا الحوار المعروف بينه وبين النجاشي قال له جعفر رضي الله عنه "أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوى منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا".
فالشاهد أن الكون كان في جاهلية وفى شر وشاء الله عز
وجل أن يبعث حبيبه محمداً لينقل الكون كله من أدران الشرك والكفران إلى أنوار التوحيد والإيمان فجاء ليملأ القلب إيمانا والعقل حكمه والنفس يقينا والكون عدلا والدنيا رحمة والأيام سلاما والليالي أمنا واستطاع بإذن الله أن يحول هذا المجتمع الجاهلي إلى دولة تدين لله "جل وعلا" وأن يصنع رجالا كان الواحد منهم يساوى أمه بأكملها.
ولقد إنتصر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يوم أن صاغ من فكره الإسلام رجالاً وحول إيمانهم بالإسلام عملا وطبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات وألوفا ولكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق إنما طبعها بالنور على صحائف من القلوب وأطلقها تعامل الناس وتأخذ منهم وتعطي وتقول بالفعل والعمل ما هو الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من عند الله / فما أحوجنا في هذا الزمان إلى أن نتعايش مع سيره النبي صلى الله عليه وسلم لنأخذ منها العظة والعبرة ونعيش الأسوة والقدوة فهو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله لنفسه وصنعه ورباه على عينه ليربى به الأمم والأجيال عبر العصور والأزمان.
فهو خاتم الرسل وذروة الصلاح الذي وصل السماء بالأرض والدنيا بالآخرة فلو اجتمع علماء الأمة ودعاتها ليقدموا للكون سيرة تليق بقدر ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم ما استطاعوا .. فقدر ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم عظيم وجليل ولا يعرف قدر الحبيب صلي الله عليه وسلم إلا الرب العظيم العلى.
اخوكم الجبوري