حث قبل أن ترفض قراءة هذا المقال ظنا من عنوانه بانه حديث قلب دام يفيض عطفا، أرجو أن تواصل القراءة، فأنني أتحدث بموضوعية وبساطة، فالسلاحف البحرية تبكي وليس لاسباب عاطفية كما نفعل نجن البشر.
إن الماء هو المادة الفريدة في كوكب الارض التي تجعل الحياة ممكنة فيه، وجميع المخلوقات الحية تحتاج الى الماء بشكل او بآخر. وبعض الحيوانات لا تشرب ماء، ولكنها تستخلصه من الاغذية التي تتناولها، وينطبق هذا على كثير من الحيوانات الصحراوية، أما كثير من الحيوانات التي تعيش في البحر فلديها مشكلة عكسية فهي تعيش في وفرة من المياه تحيط بها من كل جانب ولكنها مشبعة بالملح، فكيف تتخلص من هذه المشكلة؟ وتكمن الإجابة في عدة طرق، ولكن في هذا المقال سوف نتناول طريقة السلاحف البحرية.
السلحفاة البحرية سواء كانت نوعا يفضل الغذاء النباتي او الحيواني لديها غدة كبيرة لافراز الملح في ركن كل عين. وتمتد قناة من الغدة لتفتح في الركن الخلفي للعين، وتبكي السلحفاة بدموع من الملح، ويثيرا لتساوي في درجة تركيز الملح بين البلازما في الدم والدموع عند البشر الى عدم مقدرة الغدد الدمعية على ازالة أي زيادة في الملح من اجسامنا.
اما دموع السلحفاة البحرية فهي الناتج النهائي لنظام فيسيولوجي متخصص يزيل الملح من جسم السلحفاة كسائل شديد التركيز، ومعظم الزواحف المائية ومن بينها السلاحف البحرية تستطيع ان تأكل وتبتلع اثناء وجودها تحت الماء. وفي اثناء هذه العملية لا شك انها تبتلع كميات متفاوتة من الماء. والتساؤل الذي يتبادر هو ما اذا كانت السلاحف البحرية تشرب عادة مياه البحر بكميات معلومة في الاوقات الأخرى أم لا، يظل قائما بدون إجابة.
والذين وجدوا منا الفرصة لمشاهدة اناث السلاحف البحرية تضع بيضها على الشواطئ العمانية ربما لاحظوا في بعض الأحيان ان عيونها مدمعة، وأنا متأكد ان كثيرا من الناس يعزو ذلك الى المجهود والألم والحزن الذي يفترض ان تعانيه السلحفاة اثناء عملية وضع البيض. والواقع هو أن الغدد الملحية تعمل كالمعتاد لتصريف الملي الزائد من الجسم، والفرق الوحيد هنا هو عدم وجود اعواج تغسل الدموع اثناء هذه الزيارة القصيرة للبر.