{{ وصف الكتاب }}
سنذكر نماذج من الكلمات التي كتبها من أحبوا الكتاب وأحبوا القراءة، من خلالها سنعرف العلاقة الحميمية والوطيدة بين طالب العلم من جهة، وبين الكتاب من جهة أخرى.
من عاش مع الكتاب ألف به، وبقربه وتفيأ بظلاله وسعد ببستانه، فعينه تتنقل بين الرياض الناضرة والثمار اليانعة، وعقله يحس بطعم لا يعدله طعم، لا يشعر بها إلا من خالطها وتلبس بأسبابها.
فعشاق الكتاب يرونه صديقا وفيا، وعالَما نقيا، تغنى به شعرائهم، وترنم به بلغائهم، هو سلوة للمهمومين، وعزاء للمحزونين، وهو الجليس الناصح، والصديق الناصح، وهو وعاء ملىء علما، وظرف حُشِي ظرفا، إن شئت ضحكت من نوادره، وإن شئت عجبت من غرائب فرائده، لا يُفشي عليك سرا، ولا يغتاب عندك أحدا، مأمون بَرُّه، مستجلب خيره، يدلك على الحق ويرسم لك طريقه، وينهاك عن الشر ويحذرك من سلوك طريقه:
لا شيء أنفع من كتاب يُدرَسُ ... فيه السلامةُ وهو خِلّ مُؤنِسُ
رسم يفيدك ما يفيد ذوو النُّهى ... أعمى أصم عن الفواحش أخرس
يصفه كل عاشق بما يحب فيه، ويثني عليه كل محب بما يرى فيه، إن أخطأت قَوَّمَك، وإن أحسنت ثبتك، يتزين لك بأنواع العلوم، ويتحلى لك بأنواع المعارف، يتباهى بأجمل اللطائف، ويتميز بعدم الإملال، ويتحمل جفاك، ويفرح بلُقياك، يفيدك علم ما مضى، وأخبار من بقي، وعلم ما لم يأتي:
نعم النَّديم إذا خلوت كتاب ... إنْ خانك النُّدماءُ والأصحابُ
فأبحه سرك قد أمِنت لسانهُ ... أو أن يغيبك عنده مغتابُ
وإذا هفوت أمِنت غرب لسانه ... إن العتاب من النَّديم عذابُ